کد مطلب:219506 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:147

خواص القمح الطبیة
تشكل الحبوب و مشتقاتها جانبا بالغ الأهمیة فی غذاء الانسان، لا سیما فی البلاد الشرقیة التی تفننت فی استغلال هذه الحبوب و اصطناع أنواع مختلفة من الأطعمة والأغذیة منها.

و أهم هذه الحبوب: القمح لذی یعتبر من أقدم ما عرفه الانسان من الغذاء لا سیما فی منطقة حوض البحر الأبیض المتوسط، و یعود عهد الانسان به الی العصر البالیولیتی (الحجری). و فی الحفریات الأثریة التی تمت فی بعض البلدان كان للقمح نصیب عظیم من احترام الناس و تقدیرهم و اعتبارهم ایاه نباتا مباركا یستحق التقدیس والتوقیر.

تتألف حبة القمح من غلاف خارجی ینبذ بعد الطحن و یؤلف 9 درصد من وزن القمح و هو ما یسمی: بالنخالة. و تلی الغلاف الخارجی طبقة رقیقة جدا تؤلف



[ صفحه 177]



3درصد من وزن الحبة وهی تحتوی علی عنصر الآزوت، أما ما یتبقی من الحبة فهو الطبقة الداخلیة النشویة، و هی قوام الدقیق الأبیض الصافی، و هذه الطبقة تشغل 85 درصد من وزن الحبة، ثم الرشیم أو جنین القمح و هو قسم صغیر یتمركز فی زاویة من زوایا حبة القمح و یألف 4 درصد من وزنها، و هو لا یكاد یری بالعین المجردة الا بصعوبة ولكننا نستطیع تمییزه و تحسسه اذا ابتل القمح بالماء أو أصابته رطوبة، لأن الرشیم. اذا ذاك - یذرقونه كما یرفع رشیم البطاطا رأسه اذا ما خزنت فی مكان رطب ندی.

و یتألف الخبز الأسمر (رأسه بعبه) من طحن حبوب القمح كاملة، أی بأغلفتها و أجنتها و طبقاتها الداخلیة.

و یعتبر رشیم القمح أغنی أجزائه بالفیتامینات والمعادن، ویلیه الغلاف الخارجی (النخالة)، أما الطبقة الداخلیة المؤلفة لقوام الحبة فهی خالیة من جمیع هذه العناصر عدا النشا.

تحتوی النخالة علی الفیتامین (ب 1، B1)، والفیتامین (ب 2، B2)، و (ب 6، B6) (ب، PP) والفیتامین (ه E). و علی هذا فان تناول الخبز الأسمر المصنوع من الحبوب بكاملها یفی آكلیه شر مرض «البری بری» والتهاب الأعصاب، والبلاغرا، كما یهبهم القوة والنشاط والاخصاب نظرا لوجود الفیتامین (ه - E) المنشط الجنسی الممتاز. أما الخبز الأبیض المصنوع من الدقیق الخالی من النخالة فهو خال من الفیتامینات.

لقد تبین أن الطبقة الخارجیة من القمح تحتوی علی الفوسفور الذی یغذی الدماغ والأعصاب والأجهزة التناسلیة و یقویها، كما یحتوی علی الحدید الذی یهب الدم القوة والحیویة والأوكسیجین،والكالسیوم الذی یبنی العظام و یقوی الأسنان، و علی السلیكون الذی یقوی الشعر و بزیدة قوة ولمعانا، والیود الذی یعدل عمل الغدة الدرقیة و یضفی علی آكله السكینة والهدوء، والبوتاسیوم والصودیوم والمغنزیوم تلك العناصر التی تدخل فی تكوین الأنسجة والعصارات الهاضمة.

وبناء علی هذا الاكتشاف راح العلماء ینشرون الأبحاث المطولة منددین بالخبز (العصری) الخالی من النخالة، حاثین الناس علی العودة الی الخبز الأسمر



[ صفحه 178]



الذی یصنع من القمح بكامله، ولكن هذه الدعوة لم تلق آذانا صاغیة لدی الجمیع، فان منظر الرغیف الأبیض و قوامه ولونه أغرت الناس بالاقبال علیه والانصراف عن الخبز الأسمر الخشن. و قد أراد بعض المطاعم الأمیركیة تعویض الناس عما یفقدونه باعراضهم عن النخالة فوضعت لهم نخالة القمح فی أوان زجاجیة مثقوبة تشبه أوانی الفلفل والملح، فاذا قدمت الشطائر (السندویش) المصنوعة من الخبز الاسفنجی الأبیض رست علیه النخالة، لاعادة الفوائد التی سلبته ایاها الطریقة العصریة فی اعداد الخبز.

ولقد تبین أیضا أن ما ابتلیت به حضارتنا هی المطاحن الحدیثة التی تسحق القمح سحقا ناعما جدا یقتل رشیم الحبة، و تفصل النخالة عن القوام الداخلی للحبوب رغم ما فیه من فوائد جمة.

ان الأطباء وعلماء التغذیة ما فتئوا منذ عشرین عاما ینبهون الناس الی فوائد القمح الحقیقیة التی یحرمون منها أمام أبصار الحكومات و أسماعها، حتی ان القاعدة التی یحكم الناس بها الیوم علی مدی جودة الطحین هی مدی ما فی بیاضه من نصاعة، خلافا للتقدیر العلمی السلیم.

ان فائدة النخالة لیست فی فوائدها السالفة الذكر فقط، بل ان لها فوائد علاجیة موصوفة.

فان مغلی النخالة یكن استعماله كمهدی ء ضد السعال والزكام الخفیف والحمضیات. و كمیته هی مقدار قبضة لكل لیتر من الماء. أما فی حالات القبض فان النخالة أیضا فوائدها، فان ملعقة من النخالة فی كأس ماء أذیب فیه قلیل من العسل مفید جدا.

و تفید النخالة أیضا كمهدی ء فی حالات آلام تقرحات المعدة، شریطة أن یكون مغلیها خفیفا جدا، كما یمكن الاستفادة من المغلی نفسه فی حالة الزحار المزمنة.

اذا أردت، یا سیدتی، أن تفیدی من خواص النخالة فی اكساب جلدك رونقا وبهاء، فاستعملی ماء النخالة فی حمامك بالطریقة التالیة:

-ضعی فی قفاز من فقازات الحمام مقدار ملعقتین من نخالة القمع مع قشرة لیمونة جافة واربطی عنق القفاز ثم اتركیه یغلی مدة نصف ساعة فی لیتر من الماء



[ صفحه 179]



ثم أضیفی هذا الماء الی ماء البانیو، و بعد الحمام استعملی القفاز نفسه للتفریك دون فتحه.

و هذه وصفة أخری (لحمام النخالة) ضد النقرس والروماتیزم: یوضع كیلو من النخالة فی خمس لیترات من الماء و تغلی لمدة نصف ساعة ثم یضاف هذا الماء الی ماء البانیو.

أما دقیق القمح (Farine) فیستخدم كعلاج لتهیجات الجلد الملتهب، أو لمصاب بحروق أو بثور، فتصنع ضمادات منه فوق المكان المصاب، و أحیانا تعد حمامات كاملة، من الطحین فی لالتهابات الجلدیة الحادة.

أما حبة القمح بكاملها فهی دواء شعبی معروف ضد التهابات جلود الأطفال، فتوضع قطعة حدید فوق النار و تحمی ثم توضع فوق قلیل من الحب فیخرج منه سائل تدهن به الالتهابات فورا بطرف ازصبع و تكرر العملیة حتی لا یبقی أی أثر للالتهاب.

و ینادی الدكتور «ب. كارتون» بالاستفادة من رشیم القمح فی علاج الخرع والتهابات الأعصاب نطرا لما یحویه من فیتامینات، ویضع قاعدة لذلك تقضی بأن یتناول المرء مقدار ملعقة من رشیم القمح لمدة أسبوع أو اثنین خلال وقعات الطعام الرئیسیة مع المضغ جیدا أو طویلا، أما كیفیة الحصول علی الرشیم فهی أن تأخذ قلیلا من حبوب القمح فتغسلها جیدا تنقعها فی الماء لمدة ساعتین أو ثلاث ثم تنشر فی صحن و توضع فوقه خرقة نظیفة أو قطعة قطن معقم مبلول بالماء و تترك فی مكان رطب مدة یومین أو ثلاثة أیام. و ما أن یظهر الجنین تحت القشرة حتی تغسل الحبوب و تكون عندئذ جاهزة للتناول، و یجب أن تحفظ بعیدا عن النور، و اذا شعرت بطعم حاد فیها اعمد الی غسلها مجددا.

أما النشاء الموجود فی القمح فیستعمل كمسكن لالتهابات المجاری الهضمیة كما یستخدم كمسحوق ضد الالتهابات كالأكزیما والحكاك.

و ماذا عن الخبز؟

یقول «بول ربو» ان الخبز المعروف حالیا ضار و مؤذ، ویجد هذا الرأی صدی مؤیدا لدی عدد كبیر من الناس الذین یشكون عسر الهضم و بطأه، والحموضة المعدیة والنفخة، اعتقادا منهم بأن الخبز هو سبب ما یشعرون به.



[ صفحه 180]



والواقع أن الخبز الذی لا یمضغ جیدا یتجمع فی المعدة كتلة واحدة من العجین و هذا هو سبب عسرة هضمه، و استحالة نفوذ عصارات المعدة الی ذراته ما دام الماء والنشاء اللذان یحتوی علیهما یجعلانه أشبه بكتلة من الطین أو العجین، تستعصی علی المعدة فلا تتفتت و لا تتحول الی ذرات سهلة الهضم والتمثل.

ان المسؤول عن هذه الحالة هو الانسان نفسه، الذی یزدرد الخبز ازدرادا دون أن یمضغه جیدا، ساهیا عن حقیقة هامة، هی أن الخبر بما یحویه من مواد نشویة وافرة، یهضم أول ما یهضم داخل الفم بفعل الغدد اللعابیة، التی تفرز خمیرة «اللعابین» التی تحل المواد النشویة و تحولها من مرحلة الی أخری حتی تصبح قابلة للهضم فی المعدة.. اما ان ابتلع الانسان الخبز، لا سیما الطازج منه، دون مضغ تام، فان ذرات النشاء تتجمع و تتحول الی كتل لا تستطیع الهاضمة أن تصل الیها، فیفقد حمض كلور الماء اذ ذاك قدرته علی التأثیر فی المواد الأزوتیة الموجودة فی الغذاء.

ان الخبز غذاء ممتاز لا غنی عنه للانسان، و أول طرق الاستفادة منه هی مضغه مضغا جیدا.

و خلافا لا درج الناس علیه، فان الخبز الجاف أسهل هضما من الخبز الطازج، فان هذا یكون أكثر قابلة للتكتل داخل المعدة، بینما خلو الخبز الجاف من الماء یجعل العصارات المعدیة تصل الیه بسهولة أكثر، و لعل هذا السبب فی انتشار تناول الخبز المحمص لدی الغرب، و اصطناعه آلات منزلیة خاصة لتجفیف الخبز و تحمیصه، فانه یغدو أسهل تناولا بالنسبة لمن لا تقبل نفوسهم تناوله دون تحمیص.